يعد تحقيق عائداً مرتفعاً مع تحمل مخاطر الاستثمار المصاحبة هي المعادلة الأكثر إرباكاً للمستثمر ولمدخري الأموال. حيث تعد إضافة الأصول إلى محفظتك ونسبتها المئوية مصدر قلق كبير. يبحث الأفراد بشكل أساسي على عوائد نسبية مرتفعة بعد مقارنة المخاطر التي يتحملونها. وتعني العوائد أو العوائد المحتملة المعدلة حسب المخاطر الربح أو الربح المحتمل من الاستثمار الذي يأخذ في الاعتبار مستوى المخاطرة التي يجب تحملها لتحقيق هذا الربح.

تفترض الأسواق والكتب المالية أن المستثمرين يتجنبون المخاطرة بطبيعتهم، لكن درجة أو مستوى هذا النفور يختلف من شخص لآخر. “لا تضع بيضك في سلة واحدة” هي قاعدة شائعة بين المستثمرين على نطاق واسع في الأسواق، وكانت الأساس لأفكارهم لتجنب المخاطر.

تشير الفكرة المالية لتنويع المحفظة “Portfolio Diversification” إلى توزيع استثماراتك على مجموعة متنوعة من فئات الأصول لتقليل المخاطر الإجمالية للمحفظة.

والسؤال الذي يتم طرحه فيما بعد هو: ما هي أفضل محفظة متوازنة لتحقيق عوائد مرضية حقاً للأفراد؟ وبعبارة أخرى، ما هي النسبة المئوية للأسهم والسندات في المحفظة؟ هل من الضروري إضافة الذهب؟ إذا كان الأمر كذلك، فما هي نسبة الذهب بالمحفظة؟

يقترح مديرو المحافظ دائمًا زيادة نسبة السندات (الخالية من المخاطر) إلى الأسهم إذا كان المستثمر أكثر تجنبًا للمخاطرة أو لديه شهية قليلة لتحمل المخاطر، والعكس صحيح. ويقولون إن “الذهب” هو  أساسي و”قاعدة عامة” لأي محفظة، بغض النظر عن مستوى النفور من المخاطرة. ممتاز … ولكن لماذا؟

لماذا يجب عليك إضافة الذهب إلى محفظتك ومدخراتك؟

هناك العديد من الأسباب التي تجعل الذهب أصلًا مثاليًا للتنويع كما هو موضح أدناه:

1. يساعدك الذهب على إدارة وتخفيف مخاطرك الإجمالية

من الممكن أن يساعدك ضم الذهب داخل محفظتك على تخفيف وإدارة مخاطرك بطرق مختلفة:

• تاريخ الذهب باعتباره كأصل ملاذ آمن

يتمتع الذهب بتاريخ طويل كونه أصل ملاذ آمن، مما يشجع المستثمرين على طلب الذهب، خاصة أثناء حالات الاضطرابات الاقتصادية. حيث أن التقلب هو السمة الرئيسية للأسهم في تلك الأوقات، في حين يميل الذهب إلى الاحتفاظ بقيمته أو حتى إلى الارتفاع. يعد التخفيف من مخاطر الأسهم أو التقلبات أثناء حالة عدم اليقين الاقتصادي أحد الأسباب المهمة التي تجعل الشخص يحتفظ بالذهب في محفظته الاستثمارية. تاريخيًا، أظهر الذهب قوته بعد أن واجهت الأصول التقليدية انخفاضات كبيرة. على سبيل المثال، خلال الأزمة المالية عام 2008، فعلى الرغم من انخفاض أسواق الأسهم، بلغت أسعار الذهب ذروتها.

• ارتباط الذهب السلبي أو الضعيف بمعظم الأصول الأخرى

يوضح مبدأ نظرية المحفظة الحديثة (MPT) المُنشأ خلال عام 1952 كيفية تحقيق أفضل عائد من خلال دمج الأصول ذات العلاقة السلبية مع بعضها البعض.

يرتبط الذهب ارتباطًا منخفضًا جدًا أو سلبيًا بمعظم الأصول الاستثمارية الأخرى، ولهذا السبب يتحرك عادةً في اتجاه مختلف عن الأسهم (الرسم البياني رقم 1). هذه صفة نادرة للمعدن الأصفر، وتعني أن الذهب لديه القدرة على تقليل مخاطر المحفظة.  

من الناحية المالية، يساعد الذهب على زيادة جودة عوائد المحفظة، مما يعني أنه يمكنك كسب عائد مماثل بمخاطر أقل. يوفر الذهب تنويعًا للمحفظة ويرتبط بسوق الأسهم خلال فترات المخاطرة، في حين أن له علاقة عكسية خلال فترات التوتر الاقتصادي.

من بين غالبية أدوات وأصول التحوط في الأسواق المالية، يتمتع الذهب بجودة خاصة. وقد أثبت الذهب في الماضي قدرته على الحفاظ على القوة الشرائية وتوفير التأمين اللازم للمحفظة. وتواصل المحفظة في الاستفادة من وجود الذهب لارتباطه السلبي مع العدد الكبير من أدوات الديون الحكومية ذات العوائد السلبية في الدول الكبرى.

الرسم البياني 1: ارتباط الذهب بالأصول الأخرى

وبغض النظر عن فترات الاستثمار المستهدفة للمستثمرين أو مدى تحمل المخاطرة الخاصة بهم، فإن الذهب يعد أحد أدوات تنويع المحفظة الرئيسية. ونظراً لأنه في أغلب الأوقات تتجه السندات والأسهم إلى الارتفاع أو التراجع سوياً، فإن ضم الذهب أصبح أكثر أهمية بالنسبة للمستثمرين الذين ينصب تركيزهم على استراتيجيات النمو أي الاستثمار في شركات التي تنمو أو تتوسع بوتيرة سريعة.

ولكن كيف يكون الارتباط السلبي أو المنخفض بين الأصول أمراً جيدًا في المحفظة؟

يعد الارتباط السلبي أحد الأفكار الأساسية لـ “تنويع المحافظ”. قد يكون من الممكن للمستثمر تقليل المخاطر الإجمالية لمحفظته من خلال تضمين الأصول المرتبطة بشكل سلبي. يكون أداء المحفظة متوازناً وتقل احتمالية الخسائر عندما يكون آداء أحد الأصول أو القطاعات ضعيفاً بينما قد يكون آداء الآخر جيداً.

2. الذهب يساعدك على رفع عوائدك المالية مع الأخذ في الاعتبار عامل المخاطرة بعين الاعتبار

وذلك من خلال الفرصة المحتملة في رفع قيمة عوائدك عند شرائك للذهب. وبحسب مجلس الذهب العالمي، فقد ارتفع سعر الذهب من حوالي 1,610 دولارًا للأونصة إلى أكثر من 1,887 دولارًا للأونصة بين عامي 2000 و2020.

الشكل 1: مزايا ضم الذهب في المحفظة الاستثمارية

وبالتالي، فإن ذلك سيؤدي إلى طرح السؤال القادم وهو:

ما هي النسبة المئوية للذهب المستهدفة داخل المحفظة؟

تختلف الإجابة على هذا السؤال من شخص إلى آخر اعتمادًا على العديد من العوامل، مثل العمر، ومدى درجة تحمل المخاطرة، والتفضيل فيما يتعلق بمكونات المحفظة من الأصول المتنوعة، وما إلى ذلك. على سبيل المثال، قد يُفضل المستثمر في العشرينات من عمره الاستثمار في الأسهم أكثر من الأصول الأخرى الأقل خطورة. وقد يبحث شخص آخر في الستينيات من عمره عن أصول أكثر أمانًا مثل الذهب والسندات، حتى لو كان اتجاه أسعار الذهب تميل إلى التراجع في تلك الفترة.

بشكل عام، إذا قرر المستثمر شراء الذهب وضمه في محفظته الاستثمارية، فقد يرغب في أن يخصص له نسبة مئوية محددة بدلاً من استثمار أمواله جميعاً في الذهب؛ وإلا فإن محفظته لا تتمتع بخاصية التنوع في الأصول. ولكن، فإن القاعدة الأساسية داخل الأسواق المالية هي ضم الذهب بنسبة تتراوح ما بين 5-10% داخل المحفظة في الأوقات المالية المستقرة.

وتعد هذه القاعدة مختلفة بعض الشيء في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أنه من المفضل زيادة هذه النسبة إلى ما يتراوح بين 10-20%. وقد استخلصت دراسة حديثة أجراها منتدى البحوث الاقتصادية (ERF) في نوفمبر من عام 2021، بعنوان” Hedging the Risks of MENA Stock Markets with Gold: Evidence from the Spectral Approach” إلى أن ضم الذهب في المحافظ الاستثمارية يمكن أن يقلص من معامل التباين أو الانحراف المعياري (Variance) أو إجمالي المخاطر بنسبة تزيد عن الـ70% لمؤشر بورصة كل من مصر ودبي والأردن والمملكة العربية السعودية.

طرح رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس وجهة نظره بتخصيص نسبة أكبر للذهب داخل المحافظ الاستثمارية بنسبة تصل إلى 20%، خاصة في ظل بيئة مرتفعة لمعدلات التضخم. وفي ظل الأزمات الحالية والتوترات العالمية ونشوب الحروب، فإنه قد أعلن مؤخراً “أنا اخترت توجيه 40-50% من الأموال في المعدن الأصفر”.

كما أنه بإمكاننا الإجابة على هذا السؤال من خلال بيانات مجلس الذهب العالمي، والذي يوضح كيف يمكن للذهب أن يرفع من العوائد المعدلة حسب المخاطر بين المحافظ المختلفة. ووفقاُ لتحليلاته، فإن المستثمر الذي يستهدف محفظة ذات أصول مقومة بالدولار الأمريكي، فإنه بإمكانة تحسين أداء محفظته وتحقيق مبدأ التنوع من خلال تخصيص ما يصل إلى 10% للذهب (الرسم البياني رقم2).

الرسم البياني 2: التخصيص الأمثل للذهب داخل مزيج المحافظ المختلفة

ويمكن تلخيص النقاط التالية من الرسم البياني أعلاه:

• إن مزيج المحفظة 20/80، المكونة من 20% من الأسهم والسلع وصناديق الاستثمار العقاري والذهب و60% من الكاش والسندات، فإن أفضل نسبة للذهب في هذا المزيج والتي توفر أعلى عائد معدل حسب المخاطر هي 2.6%
• بالنسبة للأفراد الذين يفضلون مزيج المحافظ 30/70 ويفكرون في تخصيص ما بين 2.7% إلى 3.9% من الذهب في هذا المزيج، فإن النسبة المثلى للذهب التي توفر أعلى عائد معدل حسب المخاطر هي 3.2%
• 9% هي النسبة الأمثل للذهب بين المحافظ ذات المزيج 40/60
• إن المستثمرين محبي المخاطرة والذين يخصصون 60% من محفظتهم للأسهم (من هذه النسبة يخصصون للذهب بين 4.5% إلى 9.1%)، فإن نسبة الذهب المثالية التي تتحقق أعلى معدل عائد معدل حسب المخاطر هو 7.5%، وفقاً لتحليل مجلس الذهب العالمي.
• أخيراً، بالنسبة للمستثمرين الذين يخصصون نسبة مئوية للذهب تتراوح بين 5.3% إلى 10% في مزيج المحفظة 80/20، فإن النسبة المثالية من الذهب التي ستحقق أعلى العوائد المعدلة حسب المخاطر هي 9%.
• وبشكل عام، كلما زادت المخاطر في المحفظة (زيادة الأصول الخطرة في المحفظة مثل الأسهم)، كلما ارتفعت نسبة الذهب المطلوبة لموازنة هذه المخاطر.

في أي مزيج محفظة معين، يعمل الذهب كمنًوع جيد عبر مختلف الأصول الخطرة وبين مستويات تحمل المخاطر والتفضيلات المتفاوتة. وبسبب المكاسب الرأسمالية المحتملة من الزيادة طويلة الأجل في سعر الذهب، فإنها تساهم في تحقيق عوائد أفضل. كقاعدة عامة، يجب على المستثمرين تخصيص ما بين 10 إلى 20 بالمائة من محفظتهم للذهب، لترتفع ما بين 40-50% خلال فترات التوترات ونشوب الحروب العالمية. كلما زادت التقلبات أو زادت مخاطر الأصول في المحفظة، زاد تخصيص الذهب للتخفيف من المخاطرة.